بالله يا حلوة العينين زوريني ... أبو العتاهية ومحبوبته عتبة

 

 كان لربطة بنت السفاح جارية حسناء، رقيقة ظريفة، أديبة، بارعة في الجمال والكمال، وكان يعشقها أبو العتاهية، فوجهت سيدتها يومًا إلى عبد الله بن مالك الخزاعي في شراء رقيق للعتق وأمرت عتبة أن تحضر ذلك، فبينما كانت جالسة إذ جاء أبو العتاهية في زي متنسك فقال: جعلني الله فداك، شيخ ضعيف كبير لا يقوى على الخدمة، فإن رأيت — أعزك الله — شرائي وعتقي فعلت أجرًا عظيمًا، فأقبلت على عبد الله فقالت له: إني لأرى هيئة جميلة وضعفًا ظاهرًا ولسانًا فصيحًا ورجلًا أديبًا فاشتره وأعتقه، فقال: نعم، فقال أبو العتاهية: أتأذنين لي — أصلحك الله — في تقبيل يدك، فأذنت له، فقبَّل يدها وانصرف، فضحك عبد الله بن مالك وقال: أتدرين من هذا؟ قالت: لا، قال: هذا أبو العتاهية وإنما احتال عليك حتى يُقبِّل يدك، وظل أبو العتاهية مغرمًا بها إلى أن مات وجدًا ولم يشف منها غليلًا، ومما قاله فيها:

بالله يا حلوة العينين زوريني ... قبل الممات وإلا فاستزيريني
هذان أمران فاختاري أحبهما ... إليك أو لا فداعي الموت يدعوني
إن شئت موتًا فأنت الدهر مالكة ... روحي وإن شئت أن أحيا فأحييني
إني لأعجب من حب يقربني ... ممن يباعدني عنه ويقصيني
يا أهل ودي إني قد لطفت بكم ... في الحب جهدي ولكن لا تبالوني
الحمد لله قد كنا نظنكم ... من أرحم الناس طرًّا بالمساكين
أما الكثير فلا أرجوه منك ولو ... أطعمتني في قليل منك يكفيني

أرشيف المدونة

نموذج الاتصال

إرسال